Articles



تنحي بوتفليقة وعزل البشير، وفخ الدكتاتورية العسكرية
بقلم أكرم ريدان

لا يمكنني أن أكون سعيدا بتنحي عبد العزيز بوتفليقة عن منصب رئاسة الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية، وكذلك بتنحي عمر البشير عن رئاسة الجمهورية السودانية، أو بالأحرى بالطريقة التي غادرا بها السلطة، والتي تعيد للأذهان مشهدا مألوفا عهدته موجة الاحتجاجات الشعبية المندلعة في الدول العربية منذ 2011.
فمشهدا النهاية لحقبة العشرين سنة من حكم الرئيس الجزائري، والثلاثين سنة من حكم الرئيس السوداني، سارا تقريبا وفق نفس السيناريو، وأدتهما نفس الشخصيات. ثلاثة شخصيات تقاسمت فيهما دور البطولة: الحاكم المتمسك بالسلطة، والشعب، والمؤسسة العسكرية. مع نهاية المشهد، خرجت الشخصية الأولى من السيناريو. وفي المشهد الموالي، ستتوزع البطولة على الشخصيتين المتبقيتين فقط، لتنفرد المؤسسة العسكرية بالشعب، وهنا تكمن الخطورة (1). فليس مشهد انتقال ديمقراطي بطلاه الشعب والجيش إلا اقتباسا لمشهد من مسرحية سابقة يعود تاريخها إلى سنوات ماضية (2). ومع تواصل العرض، سنكتشف هل أن كاتب السيناريو قد اكتفى بالاقتباس مع تعديل سير الأحداث وتغيير نهايتها، أم أنه قد نقل السيناريو حرفيا عن كاتب المسرحية الأخرى (3).

1.      أصل الخطر : دور الجيشين الجزائري والسوداني في تنحي الرئيسين:
إن مطالبة رئيس أركان الجيش الجزائري قبل ساعات من إعلان خبر نية بوتفليقة في الإفصاح عن تنحيه بإعلان شغور منصب رئاسة الجمهورية لا تحمل إلا معنى واحدا: أن القوات المسلحة الجزائرية لا تزال جزءا من العملية السياسية، تفرض وصايتها على الحكم وتتدخل في انتقال السلطة، ولو بشكل غير مباشر.
أما في السودان، فقد كان دور القوات المسلحة أكثر وضوحا، إذ تولّت بصفة مباشرة عزل الرئيس عمر البشير من منصبه، وتعطيل الدستور، وتشكيل مجلس عسكري انتقالي لإدارة البلاد،
فلئن تدخّل الجيش الجزائري للمطالبة بتطبيق الدستور، فكان موقفه يدلّ على التمسّك بالنظام الدستوري القائم، فقد تدخّل الجيش السوداني ليهدم النظام الدستوري من الأساس بتعطيله للعمل بالدستور النافذ، الأمر الذي يعدّ إلغاءا صريحا له،
وفي كلتا الحالتين، فإن ظهور المؤسسة العسكرية في الصورة، وبصفة واضحة، فيه خطر بيّن على الانتقال الديمقراطي المستقبلي. فحتى وإن يبدو للملاحظ الذي يقارن كيفية انتقال السلطة في الجزائر وفي السودان بأن دور الجيش الجزائري أقل فاعلية من نظيره السوداني، فتلك مقارنة خادعة، ذلك أن جيشي البلدين قد اعتادا التأثير على ممارسة السلطة وانتقالها منذ سنين طويلة، وهما بالتالي مدركان لحقيقة توازنات القوى السياسية، وطبيعة موقف العنصر المؤثر في هذه التوازنات، ألا وهو الشعب المشارك في المظاهرات المطالبة بسقوط النظام.
فإن كان الجيش الجزائري حذرا في تدخّله، فذلك نابع من إدراكه أن الشعب لازال يتذكر كيف أدى تدخّله المباشر في أوائل التسعينات، بتأجيله للانتخابات التشريعية بعد أن كانت نتائجها تميل لصالح الجبهة الإسلامية للانقاذ، إلى إندلاع حرب أهلية عصفت بالبلاد طوال عشر سنوات إصطُلح على تسميتها بالعشرية السوداء. أما الجيش السوداني، فلم يقرر التدخّل بصفة فعّالة ومباشرة إلا وهو يعلم أشدّ العلم بأنه بات طوق النجاة الوحيد الذي يمكن أن يستند إليه الحراك الاحتجاجي المندلع منذ شهر ديسمبر 2018 أمام رفض النظام الاستجابة لمطالب المتظاهرين من ناحية، وتمسكه بالحل الأمني لمواجهة المظاهرات التي تشارف على دخول شهرها الخامس من ناحية أخرى.
فدور الجيش الجزائري لا يقلّ خطورة عن نظيره السوداني، ذلك أن كلاهما بصدد إستمالة الطرف الأقوى في المعادلة ألا و هو الشعب لغرض معيّن، ولكلاهما طريقته في الاستمالة التي تتحدد حسب عدد من العوامل بعضها تاريخية وبعضها آنية.

2.      سبب الخطر: تدخل المؤسسة العسكرية في الانتقال الديمقراطي- السيناريو المصري مقياسا
لسائل أن يسأل: لماذا يمثل تدخّل المؤسسة العسكرية خطرا على الانتقال الديمقراطي ؟
الإجابة بمقارنة بسيطة
في الجزائر، إثر إعلان الرئيس بوتفليقة عن اعتزامه الترشح لمدة رئاسية خامسة إندلعت مظاهرات شعبية معادية لقراره، داعية إياه إلى سحب ترشّحه. سكت الجيش ولم يبد أي موقف.
تفاعل بوتفليقة مع الحراك الشعبي ووعد بتنظيم انتخابات رئاسية مبكرة حال فوزه بالانتخابات، والجيش صامت،
وعندما تواصلت المظاهرات مبدية عدم اقتناعها بوعد بوتفليقة، رفع الأخير سقف تنازلاته وسحب ترشّحه، لكنه أجّل الانتخابات، والجيش لا يزال صامتا،
إلا أن الشعب الجزائري لم يعتبر عدم ترشّح بوتفليقة انتصارا، وواصل التظاهر من أجل تنحّيه كليّا، 
وهنا تنبّأ الجيش بأن ميزان القوة يشارف على الانقلاب لصالح الشعب، وانقض على الفرصة، وطالب بإعلان شغور منصب رئاسة الجمهورية سويعات قليلة قبل إعلان بوتفليقة التنحي، 
المطالبة بإعلان شغور منصب رئاسة الجمهورية هي مطالبة مقنّعة للرئيس بالاستقالة، لكن رئيس الأركان كان حذرا بما فيه الكفاية، متخوفا من بقاء الوضع كما هو عليه، فلم يوجّه طلبه إلى رئيس الجمهورية مباشرة، وخير أن تكون صيغة بيانه مجرّدة ومبنية للمجهول.
كان ذلك كلّه يوم 27 مارس 2019، ومع تأجيل الرئيس بوتفليقة إعلانه المرتقب بالإستقالة، كرر رئيس أركان الجيش نفس موقفه السابق المطالب بتطبيق الفصل 102 من الدستور الجزائري بإعلان شعور منصب رئيس الجمهورية، وذلك يوم 30 مارس.
وبمجرّد إعلان بوتفليقة رسميا عن استقالته يوم 1 أفريل، تغيّرت لغة الخطاب الإعلامي لرئاسة الأركان، فمن البيانات ذات الصيغة العامة و المجرّدة والمحايدة التي تكتفي بالدعوة إلى تطبيق أحكام الدستور، صارت الألفاظ المستعملة أكثر صراحة وجرأة. ففي أول تعليق على خبر الاستقالة، توجّه البيان الصادر يوم 2 أفريل 2019 بعبارات واضحة إلى "العصابة" التي " تمكنت من تكوين ثروات طائلة بطرق غير شرعية وفي وقت قصير، دون رقيب ولا حسيب، مستغلة قربها من بعض مراكز القرار المشبوهة"، مبينا أنها "تحاول هذه الأيام تهريب هذه الأموال المنهوبة والفرار إلى الخارج".
بدا في هذا الخطاب تبنّ واضح للفكرة التي يتبناها المتظاهرون عن الفساد المستشري في ظل حكم الرئيس بوتفليقة. لكن هذا التبني لا يمكن أن يكون بريئا، وليس إلا كما أسلفنا الذكر، طريقة لاستمالة الشعب بصفته الطرف الأقوى في المعادلة السياسية، إذ من غير المفهوم أن لا تتخذ القوات المسلحة موقفا من الفساد إلا بعد رحيل رأس النظام الفاسد، وهي التي تعتبر من مفاتيح السلطة وأعمدة الحكم في الجزائر منذ الاستقلال، ومن المفترض أن تكون على علم دقيق بطريقة تسيير هياكل الدولة خلال فترة حكم بوتفليقة، هذا إذا أقصينا الافتراض الذي يسود حوله شبه إجماع بين جميع أصحاب الرأي في الجزائر والقائل بأن القوات المسلحة هي المسيّر الفعلي لهذه الهياكل.
تخطّت القوات المسلحة الجزائرية مرحلة الحياد في الصراع بين الشعب والنظام، وانتقلت إلى مرحلة تسجيل المواقف، لكنّها لم تشأ المرور إلى المرحلة الموالية المتمثلة في الحركة الفعّالة. والحركة الفعّالة تتمثل في تحويل الاحتجاجات الشعبية إلى إنقلاب عسكري. فالنقطة المشتركة بين جميع التصريحات الصادرة عن رئاسة الأركان كانت التمسك بالنظام الدستوري القائم كما ذكرنا، وهو ما تبلور في البيان الصادر في 2 أفريل 2019 الذي أعرب فيه رئيس الأركان على "أن طموح الجيش الوحيد هو السهر على الحفاظ على النهج الدستوري للدولة".
في السودان، كان موقف القوات المسلحة أكثر ريبة، فالاحتجاجات تعصف بشوارع البلاد منذ 18 ديسمبر 2018 مطالبة بتنحي الرئيس عمر البشير، وقوّات الأمن تواجهها بكل الطرق العنيفة بما فيها الرصاص الحيّ الذي أدى إلى سقوط قتلى، كل ذلك والقوات المسلحة تلازم الصمت، وتراقب تطوّر الوضع من بعيد.
احتاج الجيش السوداني قرابة أربعة أشهر ليدرك أن عليه كسر حياده. فتماما مثل نظيرتها الجزائرية، لم تستفق قيادة الجيش من غفوتها لتبدأ في نشر البيانات المساندة للحراك الشعبي في وسائل الإعلام إلا حينما أدركت أن الشعب بات الطرف الأقوى في علاقة القوة التي تربطه بالنظام، وأن خروج الرئيس عمر البشير من السلطة بات مسألة وقت.
كان تطور موقف القوات المسلحة السودانية مختلفا عن نظيرتها الجزائرية، فبعد تخطيها لمرحلة الحياد، اختارت أن تتجاوز مرحلة تسجيل المواقف، وتمرّ إلى مرحلة الحركة الفعّالة، فلم تكتفي بإعلان مساندتها للحراك الشعبي، بل أنها قامت بعزل الرئيس عمر البشير كما تم الإعلان عن ذلك في 11 أفريل 2019. فلم تحسم الصراع لصالح الطرف الأقوى محققة المطلب الرئيسي التي تمحورت حوله الاحتجاجات فقط، بل أنها حوّلت حراكا جمع بين كل معايير الثورة الشعبية إلى عمل جمع بين كل أركان الانقلاب العسكري.
كذلك حصل قبل ثماني سنوات في دولة يتشابه موقف القوات المسلحة داخلها مع موقف القوات المسلحة الجزائرية والسودانية، ألا وهي مصر، 
أثناء ثورة 25 يناير 2011 كان الشعب يطالب الرئيس حسني مبارك بالتنحي وبعدم توريث منصب الرئاسة لإبنه جمال مبارك، تعامل الأخير مع الحراك الشعبي بنفس الطريقة التي تعامل بها بوتفليقة البشير، فقدّم جميع أنواع التنازلات، ومن ثمّ استقال
أثناء المظاهرات إلتزم الجيش المصري الحياد، مثل نظيريه الجزائري والسوداني، ورغم أنه لم يفعل سوى تنفيذ تعليمات قائده الأعلى بالنزول إلى الشارع لحفظ الأمن بعد إعلان حظر التجوّل، سعى إلى الترويج لصورته إعلاميا بأنه الجيش الذي حمى الشعب المشارك في المظاهرات ورفض إطلاق النار على المتظاهرين، وبدا وكأنه يستعد لأن يدعم موقفه كطرف مؤثر في العملية السياسية، وكذلك فعل باستلامه مقاليد الحكم الذي كلّفه بها الرئيس المتنحي
وأثناء إدارته للفترة الانتقالية، فعل الجيش كل شيء لإفشال التحوّل الديمقراطي ونصب العراقيل له، في سبيل حماية مصالحه، فعدّل الدستور واتخذ الإعلانات الدستورية التي تضمن له وضعا خاصّا يبعده عن أي مسائلة. ومحاسبة، وقتل وسحل واغتصب ردّا على المظاهرات التي كانت تطالبه بتسليم السلطة إلى المدنيين، 
ورغم خضوعه لتلك المطالب، لم يلبث أن مهد الأرضية المناسبة التي عاد على أساسها ليمارس الحكم بانقلاب عسكري جدّ في 3 جويلية 2013
.
3.      تفادي الخطر: حتمية إبعاد القوات المسلحة عن العملية السياسية وإخضاعها لمقتضيات دولة القانون
بين مصر 2011 والجزائر والسودان 2019 قواسم مشتركة عديدة، رئيس أطال البقاء في الحكم وتنازل عنه بعد ثورة شعبية عارمة، وقوات مسلحة لها تقاليد في العمل السياسي، اقتنصت الفرصة وأعلنت تأييدها للشعب بعد انقلاب ميزان القوة لصالحه، وشعب تمسّك بضرورة تنحّي الرئيس ونجح في تحقيق مطلبه
ومن هذه القواسم المشتركة نستخلص الدرس: إن تدخّل الجيش في العملية السياسية لا يهدف إلا لحماية مصالح المؤسسة العسكرية وتحصين وضعها كجزء من السلطة، أو حتى فوق السلطة،
وكلّما يتنبّأ القائمون على هذه المؤسسة بأن بقاء الحاكم في السلطة بات غير متناسب مع هذا الهدف، سواء كان هذا الحاكم يهدّد مصالح الجيش مباشرة من خلال نية إخضاعه لمبادئ دولة القانون، أو كان غير قادر على حماية المصالح المذكورة بسبب ضعف موقفه السياسي، فإنهم مستعدّون لقلب الطاولة عليه، إما بصفة غير مباشرة بإعلان تأييدهم للطرف الخصم الأقوى منه، أو بصفة مباشرة عبر الانقلاب عليه.
كذلك حصل في مصر، وربما يتكرر في الجزائر، وكذلك في السودان، وعليه يكون الانتصار الحقيقي للشعبين الجزائري والسوداني غير كامن في تنحي بوتفليقة أو في عزل البشير، بقدر ما هو مرتهن بقدرتهما من خلال سلطة مدنية منتخبة على إبعاد الجيش عن الحياة السياسية، وجعله مؤسسة من مؤسسات الدولة الخاضعة لمبادئ دولة القانون.
أول خطوة في سبيل تحقيق ذلك تكمن في تحييد القوات المسلحة عن مسار إعداد الدستور الجديد الذي يبدو محطة ضرورية من محطات الانتقال الديمقراطي، بإسناد الوظيفة التأسيسية إما لمجلس منتخب انتخابا عاما ومباشرا و نزيها وشفافا، أو إلى لجنة خبراء يتمتعون بكافة معايير وضمانات الاستقلالية، وذلك في سبيل تجنب أي تأثير مباشر أو غير مباشر للجيش على العملية التأسيسية من شأنه أن يضفي مكانة دستورية على وضعه الخاص ويحصّن إبعاده عن الرقابة.
وثاني الخطوات تتمثل في التنصيص بالدستور الجديد على إلزام القوات المسلحة بدورها الرئيسي المتمثل في حماية التراب الوطني من التهديدات الخارجية والداخلية التي من شأنها المساس بسلامته واستقلاله ووحدته، وتنظيمها وعملها وفق مبدأ الحياد والنزاهة والشفافية والحوكمة الرشيدة تماما مثل بقية هياكل الإدارة العمومية الذي يعتبر جزءا منها. ولنا في الفصلين 15 و 18 من الدستور التونسي المؤرخ في 27 جانفي 2014 خير مثال. إذ ينص الفصل 15 على أن "الإدارة العمومية في خدمة المواطن والصالح العام، تنظّم وتعمل وفق مبادئ الحياد والمساواة واستمرارية المرفق العام، ووفق قواعد الشفافية والنزاهة والنجاعة والمسائلة". كما يضيف الفصل 18 الذي يعتبر نصا خاصا بالجيش الوطني بأنه "جيش جمهوري وهو قوة عسكرية مسلّحة قائمة على الانضباط، مؤلفة ومنظّمة هيكليا طبق القانون، ويضطلع بواجب الدفاع عن الوطن واستقلاله ووحدة ترابه، وهو ملزم بالحياد التام".
ولا تكتسب النصوص الدستورية المماثلة إذا وقع التنصيص عليها بالدستورين الجديدين الجزائري والسوداني فعاليتها في تحجيم دور القوات المسلحة وإبعادها عن العمل السياسي إلا من خلال دسترة آلية فعّالة للرقابة القضائية على دستورية القوانين، مع تحصين المكلّفين بها بالمعايير المناسبة لاستقلال السلطة القضائية. ويتولى القضاء الدستوري في هذا الصدد، تسليط رقابة على مدى مطابقة الأعمال التشريعية التي تتعلق بتنظيم القوات المسلحة وتسييرها للمبادئ الدستورية المتمثلة في الحياد التام للجيش و تقيده بواجب الدفاع عن تراب الوطن، سواء تعلق الأمر بأحكام تشريعية دخلت حيّز النفاذ أو لم تدخل. وفي حالة التصريح بعدم دستورية جزء من هذه الأحكام، فإما أن يقوم المشرع بحذفها و إعادة صياغته وفق ما يتطابق مع نص الدستور إذا تعلق الأمر بمشروع قانون (الطعن المباشر بعدم الدستورية)، وإما أن تلغى تماما، أو أن يقع استبعاد تطبيقها في النزاع القائم إذا تعلق الأمر بقانون دخل حيز النفاذ (الدفع بعدم دستورية القانون المنطبق على نزاع منشور أمام المحاكم العادية). ويساهم ذلك في تنقية المنظومة القانونية من أي أحكام تضمن إبعاد الجيش عن الرقابة وتمهّد لتحرير حركته السياسية.



Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire

Bottom Ad [Post Page]